أعرب المعماري القطري إبراهيم الجيدة عن فخره بتصميم استاد الثمامة، أحد الاستادات الثمانية التي ستشهد منافسات بطولة كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢™، والإسهام في نجاح استضافة قطر الحدث الكروي الأضخم في العالم، ولأول مرة في العالم العربي والشرق الأوسط.
وأكد الجيدة في حوار مع موقع (Qatar2022.qa) أنه يترقب إعلان اللجنة العليا للمشاريع والإرث عن افتتاح هذه الأيقونة الفريدة في عالم استادات كرة القدم، عندما يستضيف الاستاد نهائي النسخة الـ 49 من بطولة كأس الأمير بين فريقي الريان والسد الشهر المقبل.
وقال: “يكفيني فخراً تواجد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، خلال الإعلان عن جاهزية استاد الثمامة، وحضور سموه نهائي كأس الأمير. وسأكون حينها الأسعد بين حشود الجماهير في أرجاء الاستاد.”
ويستذكر المهندس إبراهيم الجيدة، الرئيس التنفيذي وكبير المهندسين في المكتب العربي للشؤون الهندسية، وأول مهندس قطري يصمم أحد استادات مونديال كرة القدم، تجربة تصميم هذه الأيقونة التي تعد من أشهر استادات كأس العالم.
تصميم فريد مستوحى من “القحفية”
كانت المشاركة في تصميم الاستادات المونديالية حلماً يراود الجيدة، وكان له ما أراد عندما فاز بمسابقة لتصميم استاد الثمامة، فما أن بدأ في رسم مخطط معماري، حتى رآه شامخاً كجوهرة تفتح ذراعيها للترحيب بأفضل لاعبي كرة القدم في العالم خلال المهرجان الكروي المرتقب على أرض قطر في 2022.
بدأت رحلة تصميم الاستاد المونديالي بتوجيه الدعوة للمهندسين المعماريين في جميع أنحاء العالم لتقديم تصاميم لاستاد جديد يحتضن منافسات مونديال قطر 2022، على أن يستوحى التصميم المقترح من القحفية، وهي قبعة الرأس التقليدية التي يرتديها الرجال ف أنحاء العالم، وهو الأمر الذي حمل أهمية خاصة بالنسبة للجيدة لأنها أنها تنبع من صميم التراث العربي، حيث تتعاقب الأجيال في المحافظة على ارتدائها حتى وقتنا الحاضر.
ويحكي الجيدة كيف توجه إلى السوق القديم بالدوحة لشراء العديد من “القحافي” التي تحمل نقوشاً وتصاميم مختلفة، كي ينهل منها فكرة التصميم التي سيخطها على الورق، وقال: “ما زلت أذكر تلك الليلة، حين قمت بشراء “قحافي” بتصاميم مختلفة كي أمعن النظر وأتفحص بعين المهندس المعماري النقوش التي تزيّنها.”
وتابع الجيدة: “لطالما ارتديت القحفية عندما كنت طفلاً، لكني حينها لم أكن أعير انتباهاً للتراث الذي تجسده وتنوع النقوش وتعددها وعمق التصاميم من الناحية المعمارية”.
وأشار المعماري القطري، الذي أمضى العديد من الليالي في ابداع تصميم فريد للاستاد يعكس شكل القحفية بأسلوب معبّر مبتكر وعملي، لدرجة أن عملية التصميم شكلت هاجساً لازمه حتى خلال نومه، إذ اعتاد على الاستيقاظ في منتصف الليل ليتفحص النقوش والرسومات المتنوعة على “القحافي”، إلى أن توصل في نهاية المطاف إلى وضع رسم أولي نال إعجابه، وشعر بسعادة غامرة عندها طرح على زملاءه في فريق المهندسين بالمكتب المخطط الذي أصبح فيما بعد التصميم النهائي للاستاد المرتقب “.
أحدث استادات مونديال قطر 2022
ويواصل الجيدة حديثه عن رحلة تصميم أحدث استادات المونديال، مشيراً إلى أن من بين أهم أهدافه خلال مرحلة إعداد تصميم الاستاد كان ابتكار تصميم يلقى صدى واسعاً لدى الناس في جميع أنحاء المنطقة، ويثير إعجابهم واستحسانهم.
وأضاف: “كنت على ثقة في أن المعماريين المشاركين في مسابقة التصميم سيتركز عملهم على تطوير الشكل الأصلي للقحفية بالكامل، دون الإبقاء على جوهرها التقليدي، وبالتالي ستأتي النتيجة في شكل تصميم بعيد عن شكل القحفية. لكني حرصت على وضع تصميم حديث ولكنه يحتفظ في الوقت نفسه بهويتها التقليدية وطابعها الأصلي، لأن المحافظة على الهوية والتراث المحلي يحمل أهمية قصوى بالنسبة لي”.
وتضمّن التصميم النهائي لاستاد الثمامة نقوشاً وأنماطاً متعددة، بالإضافة إلى رسوم للعملات الذهبية. وقد أعيد لاحقاً استخدام تصميم النقود الذهبية في تصميم وحدات التهوية في تقنية التبريد المبتكرة التي يمتاز بها الاستاد الجديد.
وفي هذا السياق يقول الجيدة: “يحمل التصميم أبعاداً مختلفة، فالقحفية في هذا التصميم لا تُجسد غطاء الرأس الذي يرتديه الرجال في مختلف أرجاء الوطن العربي فحسب؛ بل تعكس على نحو عملي آلية تشغيل الاستاد وسقفه الذي صُمم لحماية المشجعين من حرارة الشمس. كما روعي في عملية التصميم الداخلي للاستاد استخدام النقوش والزخارف التي نراها في القحفية.”
ورغم إسهام الجيدة في تصميم وتطوير العديد من المشاريع في أنحاء العالم؛ إلا أنه يصف تجربته في تصميم استاد الثمامة بـ “المختلفة كلياً”. ويقول: “أنتظر اللحظة التي ستبثّ فيها أهازيج المشجعين الحياة في أرجاء هذا الصرح الرياضي الاستثنائي. أنا على يقين تام بأن مشاعر السعادة ستغمر المشجعين لمشاهدة استاد يجسد أمام أعينهم تحفة معمارية تعكس تراثنا الذي طالما كان مدعاة للفخر لنا جميعاً في الوطن العربي.”
إلهام الجيل القادم من المعماريين
ويرى الجيدة أن المنطقة العربية تشهد فترة انتعاش وازدهار معماري، ويتطلع بدوره إلى إلهام غيره من المعماريين والمصممين الشباب، وقال: “يتمتع العرب بالثقافة الأغنى والأكثر تنوعاً على الإطلاق والتي ما تزال حتى الآن مصدر إلهام لكبار المعماريين والمصممين حول العالم، إذ ما زالت نقوش وفنون العمارة العربية يستوحى منها الكثير من التصاميم في كافة أرجاء العالم.”
ودعا الجيدة المهندسين المعماريين الشباب على اقتناص الفرص لتطوير مهاراتهم، وبذل كل ما بوسعهم ليصلوا إلى تحويل تصاميمهم المبتكرة إلى صروح معمارية مبهرة يُشار إليها بالبنان.
يشار إلى أن استاد الثمامة سيشهد ثماني مباريات في مونديال قطر 2022 من دور المجموعات حتى ربع النهائي، كما يستضيف مباريات في بطولة كأس العرب نهاية العام الجاري. ومع افتتاح الاستاد الذي يتسع لـ 40 ألف مشجّع؛ يصبح هذا الصرح المونديالي الفريدة سادس الاستادات جاهزية لاستضافة منافسات المونديال، بعد استاد خليفة الدولي، واستاد الجنوب، واستاد المدينة التعليمية، واستاد أحمد بن علي، واستاد البيت.
وتتوفر تذاكر نهائي نسخة هذا العام من كأس الأمير، الذي يستضيفه استاد الثمامة في 22 أكتوبر عند السابعة مساءً بتوقيت الدوحة، عبر الموقع الإلكتروني للاتحاد القطري لكرة القدم: (tickets.qfa.qa).
* لمحة عن اللجنة العليا للمشاريع والإرث
أنشأت دولة قطر اللجنة العليا للمشاريع والإرث في عام 2011 لتتولى مسؤولية تنفيذ مشاريع البنية التحتية اللازمة لاستضافة نسخة تاريخية مبهرة من بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر عام 2022، ووضع المخططات، والقيام بالعمليات التشغيلية التي تجريها قطر كدولة مستضيفة للنسخة الأولى من المونديال في العالم العربي والشرق الأوسط، بهدف الإسهام في تسريع عجلة التطور وتحقيق الأهداف التنموية للبلاد، وترك إرث دائم لدولة قطر، والمنطقة، والعالم.
ستسهم الاستادات والمنشآت الرياضية الأخرى ومشاريع البنية التحتية التي نشرف على تنفيذها بالتعاون مع شركائنا، في استضافة بطولة متقاربة ومترابطة، ترتكز على مفهوم الاستدامة وسهولة الوصول والحركة بشكل شامل. وبعد انتهاء البطولة، ستتحول الاستادات والمناطق المحيطة بها إلى مراكز نابضة بالحياة المجتمعية، مشكّلة بذلك أحد أهم أعمدة الإرث الذي نعمل على بنائها لتستفيد منها الأجيال القادمة.
وتواصل اللجنة العليا جهودها الرامية إلى أن يعيش ضيوف قطر من عائلات ومشجعين قادمين من شتى أنحاء العالم أجواء بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™ بكل أمان، مستمتعين بكرم الضيافة الذي تُعرف به دولة قطر والمنطقة.
وتسخّر اللجنة العليا التأثير الإيجابي لكرة القدم لتحفيز التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية في جميع أرجاء قطر والمنطقة وآسيا، وذلك من خلال برامج متميزة، مثل الجيل المبهر، وتحدي ٢٢، ورعاية العمال، ومبادرات هادفة مثل التواصل المجتمعي، ومعهد جسور، مركز التميز في قطاع إدارة الرياضة وتنظيم الفعاليات الكبرى بالمنطقة.