كتب رياض صبره
من المذهل كيف تستمر أذرع العنصرية والكراهية المنتشرة عبر المنصات الرقمية دون رادع وتكتسح عالم الرياضة. من المؤكد أن إساءة معاملة رموز الرياضة لن تختفي قريبًا سواءً كان ذلك بسبب لون بشرة اللاعب أو أدائه فإن مُولّدي الكراهية في الفضاء الإلكتروني العالمي يستعدون للهجوم. قد تكون هذه واحدة من أكثر الفضائح استمرارًا في عالم الرياضة كاشفةً عن عجزها عن القضاء على التعصب والإساءة الرقمية. وعلى الرغم من خطورة بعض الحوادث تظل الاستجابات الإدارية غير كافية إلى حد كبير مما يترك الضحايا خائفين ومصدومين وعرضة للخطر. في عام 2023 على ملعب ميستايا بمدينة فالنسيا أوقف فينيسيوس جونيور نجم ريال مدريد المباراة وواجه الجماهير بشأن مزاعم إساءة عنصرية مما أدى إلى تفعيل بروتوكول رابطة الدوري الإسباني.
يطالب فالنسيا نتفليكس بسحب الترجمة “المزيفة” من فيديو على تيك توك لكن ثلاثة مشجعين حُكم عليهم بالسجن ثمانية أشهر وهي سابقة في إسبانيا. وتكشف بصمات الأصابع وعناوين IP وبيانات الحسابات عن إخفاء هوية المعتدين بشكل زائف لكن الحكومات لم تُحرك ساكنًا.
في إنكلترا واجهت ساندرا زوجة نجم إيفرتون دومينيك كالفيرت لوين موجة من الإساءات العنصرية والمعادية للنساء عبر الإنترنت بعد إشادتها بأدائه فأدان إيفرتون الهجمات “الإجرامية” لكن الحكومات تتجاهل الآثار الرقمية القابلة للتتبع مما يجعل الرياضيين عرضة للخطر.
تمتد المشكلة إلى ما هو أبعد من كرة القدم للأندية خلال بطولة أوروبا 2024 اكتشف برنامج خاص لمراقبة الإساءة عبر الإنترنت أكثر من 9000 منشور مسيء، تمت معالجة 91% منها بواسطة منصات التواصل الاجتماعي وتعرض تايريك هيل نجم كرة القدم الأمريكية لإهانات عنصرية على موقع X بعد خسارة عام 2024 بينما واجه ليبرون جيمس لاعب كرة السلة الأمريكي للمحترفين انتقادات مماثلة بعد المباراة. فالرياضيون بغض النظر عن لونهم رجالاً كانوا أم نساءً هم كبش فداء للهزيمة فقد تلقت لاعبة التنس سيرينا ويليامز رسائل كراهية بعد مباراة في عام 2024 وتعرضت عائلتها لهجوم إلكتروني. فهذه الكراهية الرقمية الممزوجة بالعنصرية تسلب متعة الرياضة دون أن تعالجها السلطات بلا مبالاة.
وبدأ اللاعبون بأخذ زمام الأمور بأيديهم ففي عام 2021 استهدفت مقاطعة وسائل التواصل الاجتماعي من قبل أندية كرة القدم واللاعبين الضغط على المنصات لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الإساءة الإلكترونية. ورغم أن الاحتجاج رفع مستوى الوعي إلا أن التغييرات الملموسة لا تزال محدودة. وتُمثل الإساءة الإلكترونية المستمرة للرياضيين من جميع الرياضات وعائلاتهم مشكلة ملحة تتطلب تدابير شاملة ولكن لا يوجد أي منها قيد التنفيذ.
ويحاول المعتدون الاختباء وراء إخفاء الهوية لكن البصمات الرقمية مثل تحديد الموقع الجغرافي ومعرفات المستخدم لا يمكن إنكارها. وإن رفض الحكومات اتخاذ أي إجراء على الرغم من هذه الأدوات يُشجع الكراهية. عندما تُسمع أصوات الاستهزاء والتهديدات اللاذعة على شاشاتنا دون رادع يجد الرياضيون وأحباؤهم أنفسهم عالقين في منطقة حرب رقمية فكل رسالة كراهية تُضعف شجاعتهم مُحوّلةً النصر إلى ضعف والشغف إلى خوف. لقد حان الوقت للمطالبة بسياسات صارمة لا تتسامح مع أي شكل من أشكال الظلم وتطبيق صارم من جانب الحكومة، لأنه لا ينبغي لأي لاعب أو والد أو شريك أن يدفع الثمن في نهاية المطاف بسبب هدف ضائع أو مباراة خاسرة.