برنامج الإرث الإنساني والاجتماعي لمونديال قطر 2022 يسعى للوصول إلى مليون مستفيد مع انطلاق كأس العالم
بقلم ناصر الخوري
مدير إدارة البرامج في الجيل المبهر
اختتم الجيل المبهر عامه الحادي عشر باستضافة مهرجان الجيل المبهر ٢٠٢١ تحت شعار “كلنا معاً”. واحتفى المهرجان السنوي، الذي نظمناه بالتعاون مع مؤسسة قطر على هامش بطولة كأس العرب، بالتضامن العربي من خلال كرة القدم. وشارك فيه العديدُ من القادة الشباب ولاعبي كرة القدم تحت ١٧ عاماً من جميع الدول المشاركة بالبطولة والمئات من الشباب من قطر والمنطقة خلال الفترة من ١٤ إلى ١٨ ديسمبر بالمدينة التعليمية في مؤسسة قطر.
وأتاح المهرجان للشباب العربي فرصة رائعة للاستفادة من قوة كرة القدم في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع، واستخدامها كأداة لتسريع تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، خاصة أن التركيز الأكبر للمهرجان انصب على موضوعات اجتماعية، مثل تمكين الشباب من الجنسين والإدماج وتغير المناخ، وهي موضوعات جرى اختيارها بالتنسيق مع القادة الشباب بالبرنامج.
وفي إطار جهودنا المستمرة لإلهام وتحفيز القادة الشباب، نظمنا بطولة “كلنا معاً” لكرة القدم كواحدة من أبرز فعاليات المهرجان، إذ شهدت حضور نخبة من أساطير كرة القدم العالمية منهم النجم كافو، ولويس هيرنانديز، وخافيير ماسكيرانو، وسارة عصام وغيرهم من النجوم الذين شرفونا بالحضور على مدار أيام المهرجان.
بالإضافة إلى ذلك، حضر النجم ديفيد بيكهام الحفل الختامي وسلم الجوائز للفائزين بلقب البطولة، وأسدى بعض النصائح الملهمة لشبابنا المشاركين حول أهمية مشاركتهم في تنمية مجتمعاتهم، واستخدام المهارات التي اكتسبوها معنا والاستفادة من قوة كرة القدم كأداة لتطوير مهاراتهم والارتقاء بمجتمعاتهم. كذلك، تشرفنا بحضور سعادة السيّدة لولوة الخاطر، المتحدّث باسم وزارة الخارجية ومساعد وزير الخارجية القطري، والنجمة الأولمبية الأمريكية ابتهاج محمد، التي تحدثت إلى الشباب عن قوة الرياضة في إحداث التغيير الايجابي وتأثيرها على المجتمعات ودور المرأة في الرياضة.
وقبيل انطلاق المهرجان، كنا على موعد جديد مع التتويج والتكريم، حيث تُوج الجيل المبهر بجائزة السلام والرياضة تقديراً لجهودنا الملهمة في مجال العمل الإنساني ودعم الشباب المهمّشين في المناطق المحرومة، عبر مشروع “الاتحاد من خلال قوة كرة القدم”، الذي يجري تنفيذه بالتعاون مع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، أكبر شبكة إنسانية في العالم.
ويُقدَّم في إطار المشروع مجموعة من ورش العمل الهادفة إلى بناء القدرات من خلال الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في الأرجنتين والعراق وميانمار وأوغندا، باستخدام منهجية مشتركة صُممت بالتعاون بين الجانبين. ويمثّل هذا التكريم خير دليل على العمل الجاد والتفاني، من قبل المدربين ومقدمي الجلسات والشباب الذين يعملون لنشر رسالتنا وأهدافنا في البلدان سالفة الذكر. إن هذا التعاون المشترك يندرج ضمن جهودنا المستمرة لإحداث فارق حقيقي في حياة الشباب، باستخدام كرة القدم كأداة للتغيير الاجتماعي وتحويل المجتمعات إلى الأفضل. ويقدم منهجنا المشترك تدريباً على المهارات الرياضية والحياتية مدعوماً بالتعليم النقدي للمساعدة في تمكين الشباب وتأهيلهم ليكونوا قادة للتغيير.
منذ اندلاع الأزمة الأفغانية الأخيرة، حشد الجيل المبهر العديد من الشركاء والمتطوعين في الدوحة، لدعم الجهود الإنسانية التي تبذلها وزارة الخارجية القطرية في إطار الاستجابة للأزمة في أفغانستان. ومع استمرار وزارة الخارجية في توفير المأوى لمن تم إجلاؤهم من اللاجئين الأفغان، كان الجيل المبهر في قلب هذه الجهود مهيئاً مساحات آمنة للعائلات والأطفال القصر غير المصحوبين بذويهم، حيث يتم إيواؤهم خلال فترة تواجدهم المؤقت في قطر داخل منشآت سكنية جديدة تم بناؤها خصيصاً لاستضافة الوفود المشاركة في بطولة قطر ٢٠٢٢.
كما أنشانا أيضاً حضانة توفر بيئة تفاعلية تساعد الأطفال والشباب والفتيات على مواصلة رحلة التعلّم من خلال رواية القصص وورش العمل الفنية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والرعاية المؤقتة للبالغين والفئات الأكبر سناً من اللاجئين الأفغان. ومن خلال مكتبة الأطفال “مكتبة” والعديد من الشركاء المحليين والدوليين، نواصل توفير الدعم اللازم لمئات الشباب والبالغين من اللاجئين الأفغان، عبر توفير مساحات آمنة تساعدهم على التعافي وإعادة بناء أنفسهم، وإنشاء شبكات اجتماعية جديدة خلال مرحلتهم الانتقالية في قطر.
وفي السياق ذاته، قمنا في نوفمبر الماضي بتسليط الضوء على قوة كرة القدم وقدرتها على توحيد الشعوب وإزالة الفروق الاجتماعية، عبر استضافة مباراة ودية لكرة القدم بين منتخبي قطر وأفغانستان للسيدات في استاد خليفة الدولي، أحد الاستادات المونديالية التي ستشهد مباريات كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢. وشكلت هذه اللفتة الجميلة لم تحقق بالنسبة للعديد من اللاعبات الأفغانيات.
ونظم المباراة فريق الجيل المبهر بالتعاون مع وزارة الخارجية القطرية، والاتحاد القطري لكرة القدم، ولجنة الرياضة النسائية، حيث كانت لاعبات المنتخب الوطني الأفغاني لكرة القدم للسيدات يقمن بصفة مؤقتة في الدوحة بعد أن سهلت الحكومة القطرية بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عملية الإجلاء من أفغانستان، إلى جانب تنظيمنا لدورة تدريب مدربي كرة القدم من أجل التنمية، لفريقي كرة القدم وكرة السلة للسيدات الأفغانيات.
في وقت سابق من العام، أعلنّا عن شراكة جديدة للجيل المبهر مع اتحاد أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي لكرة القدم (الكونكاكاف) لدعم الاتحادات الأعضاء والشركاء في أنحاء المنطقة. تقوم هذه الشراكة على تنفيذ برنامج مشترك من شأنه ترسيخ قيم الاندماج الاجتماعي والمساواة بين الجنسين وحماية الأجيال من خلال كرة القدم، وبالأخص الأطفال والشباب الأكثر عُرضة للانحراف في السلوك أو تعاطي المخدرات أو الانخراط في العنف.
ويهدف المشروع إلى إلهام الشباب لاتباع أنماط حياة صحية والمساهمة في تغيير مجتمعاتهم إلى الأفضل، عبر تبني منهجية مشتركة. ووفقاً لخطة المشروع، سيتم نشر أنشطة البرنامج في اتحادات كرة القدم التابعة لاتحاد الكونكاكاف والبالغ عددها ٤١ اتحاداً على مدار السنوات الأربع القادمة، بمعدل ١٠ دول سنوياً. وحظيت هذه الشراكة الفريدة بتقدير كبير لدى الأوساط العالمية، باعتبارها واحدة من المشروعات، التي وقع الاختيار عليها للنقاش في منتدى باريس للسلام ٢٠٢١ مع التركيز بشكل خاص على تعزيز الشراكة بين بلدان الجنوب. إن الحركة العالمية للرياضة من أجل التنمية تعاني من عدم توازن القوى، لذا نسعى في الجيل المبهر إلى تعزيز قدرات هذه الدول من خلال دعم العلاقات بينها.
وعلى هامش مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز ٢٠٢١)، تعاونا مع مؤسسة التعليم فوق الجميع (EAA) لإطلاق برنامج قطر للمنح الدراسية في 9 ديسمبر، وتلا ذلك استقبال وفد يضم ستة طلاب من قطاع غزة للمشاركة في مهرجان الجيل المبهر ٢٠٢١، حيث نظم برنامج الجيل المبهر ورشة عمل للمشاركين في المهرجان حول المهارات الشخصية التي يمكن اكتسابها من خلال الرياضة، كما شارك الطلاب في أنشطة المهرجان المختلفة إلى جانب زملائهم من الشباب.
ومن جانبنا، سنواصل العمل مع مؤسسة التعليم فوق الجميع لتوفير المنح الدراسية في قطر للشباب والفتيات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها. وفي أغسطس، نظمنا بالتعاون مع مؤسسة التعليم فوق الجميع وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في فلسطين، مهرجاناً تحت اسم كرة القدم من أجل غزة، لتوفير فرصة للأطفال والشباب والعائلات للالتقاء معاً تحت شعار القوة والمرونة والكرامة من خلال الرياضة، ولإدخال السرور والبهجة وتعزيز الشعور بالانتماء لدى العديد من الشباب والأطفال الذين يعانون من صدمات نفسية جراء العدوان والأوضاع في قطاع غزة.
على مدى العقد الماضي، نجح برنامج الجيل المبهر في التأثير الإيجابي في حياة أكثر من ٧٥٠ ألف مستفيد حول العالم، ولاتزال مسيرتنا مستمرة لتحقيق التزامنا بالوصول إلى مليون مستفيد مع انطلاق قطر ٢٠٢٢. علاوة على ذلك، اعتمدنا خطط لضمان استمرار إرث البطولة لما بعد عام ٢٠٢٢، سعياً لإحداث تأثير إيجابي في شتى أنحاء العالم. ومع انطلاق صافرة نهاية مونديال قطر ٢٠٢٢ العام المقبل، سنواصل العمل لإرساء تأثير اجتماعي مستدام في مختلف المجتمعات حول العالم كإرث تهديه قطر إلى دول العالم.
*** لمحة عن اللجنة العليا للمشاريع والإرث
أنشأت دولة قطر اللجنة العليا للمشاريع والإرث في عام 2011 لتتولى مسؤولية تنفيذ مشاريع البنية التحتية اللازمة لاستضافة نسخة تاريخية مبهرة من بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر عام 2022، ووضع المخططات، والقيام بالعمليات التشغيلية التي تجريها قطر كدولة مستضيفة للنسخة الأولى من المونديال في العالم العربي والشرق الأوسط، بهدف الإسهام في تسريع عجلة التطور وتحقيق الأهداف التنموية للبلاد، وترك إرث دائم لدولة قطر، والمنطقة، والعالم.
ستسهم الاستادات والمنشآت الرياضية الأخرى ومشاريع البنية التحتية التي نشرف على تنفيذها بالتعاون مع شركائنا، في استضافة بطولة متقاربة ومترابطة، ترتكز على مفهوم الاستدامة وسهولة الوصول والحركة بشكل شامل. وبعد انتهاء البطولة، ستتحول الاستادات والمناطق المحيطة بها إلى مراكز نابضة بالحياة المجتمعية، مشكّلة بذلك أحد أهم أعمدة الإرث الذي نعمل على بنائها لتستفيد منها الأجيال القادمة.
وتواصل اللجنة العليا جهودها الرامية إلى أن يعيش ضيوف قطر من عائلات ومشجعين قادمين من شتى أنحاء العالم أجواء بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™️ بكل أمان، مستمتعين بكرم الضيافة الذي تُعرف به دولة قطر والمنطقة.
وتسخّر اللجنة العليا التأثير الإيجابي لكرة القدم لتحفيز التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية في جميع أرجاء قطر والمنطقة وآسيا، وذلك من خلال برامج متميزة، مثل الجيل المبهر، وتحدي ٢٢، ورعاية العمال، ومبادرات هادفة مثل التواصل المجتمعي، ومعهد جسور، مركز التميز في قطاع إدارة الرياضة وتنظيم الفعاليات الكبرى بالمنطقة.