AFP
اتُهمت أندية الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم بـ “الفراغ الأخلاقي” نتيجة استخدامها الأموال العامة من أجل دفع رواتب الموظفين غير اللاعبين، ومطالبتها اللاعبين بتحمل مسؤولياتهم المالية في ظل التوقف الذي فرضه فيروس كورونا المستجد.
وواجه كل من توتنهام، وصيف بطل دوري أبطال أوروبا للموسم الماضي، ونيوكاسل ونوريتش وبورنموث انتقادات حادة لاستغلال القرار الحكومي القاضي بدفع 80 بالمئة من رواتب الموظفين الذين يتم تسريحهم موقتا من وظائفهم بسبب فيروس “كوفيد-19″، شرط ألا يتجاوز سقف الراتب 2500 جنيه استرليني (3 آلاف دولار) في الشهر.
وقال القانوني جوليان نايت الذي يرأس لجنة العموم للثقافة والإعلام والرياضة، أنه “من الصعب ابتلاع ذلك”، في إشارة الى استخدام الأموال العامة لكي تدفع الأندية رواتب موظفيها، مضيفا “ما يحصل يكشف النقاب عن الاقتصاد المجنون في كرة القدم الإنكليزية والفراغ الأخلاقي الذي يشكل محوره”.
وكشف بورنموث الأربعاء أن قرر تطبيق التسريح الموقت على “عدد من العاملين” فيه، فيما قرر المدير التنفيذي نيل بلايك، المدير الفني للفريق الأول ريتشارد هيوز، المدرب إدي هاو ومساعده جيسون تيندال أن “يخفضوا طوعيا جزءا كبيرا من رواتبهم” بحسب ما أعلن.
وخلافا لبعض الأندية الكبرى في أوروبا مثل يوفنتوس الإيطالي وبرشلونة الإسباني وبايرن ميونيخ الألماني، لم يعلن حتى الآن عن أي اتفاق بين الأندية الإنكليزية واللاعبين على خفض الرواتب.
ووافق لاعبو برشلونة على خفض رواتبهم بنسبة 70 بالمئة، تضاف إليها نسبة اقتطاع للمساهمة في ضمان دفع رواتب الموظفين الآخرين في النادي بشكل كامل خلال فترة الأزمة، في حين أعلن يوفنتوس السبت أن لاعبيه والمدرب ماوريتسيو ساري وافقوا على خفض رواتبهم في ظل تعليق منافسات البطولة وكل النشاطات الرياضية في البلاد.
– “سنشهد المزيد من ذلك” –
وأشاد رئيس النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين “فيفبرو” يوناس باير-هوفمان بمبادرات من هذا النوع، قائلا “أعتقد أن هذا الأمر يظهر الى حد كبير أنهم (اللاعبون) يتفهمون ما يحدث الآن، وبصراحة سنشهد المزيد من ذلك”.
في إنكلترا، أمل رئيس توتنهام دانيال ليفي أن تؤدي المفاوضات بين الدوري الإنكليزي وممثلي اللاعبين والمدربين الى أن تتحمل جميع الاطراف جزءا من المسؤولية الاقتصادية التي فرضها فيروس “كوفيد-19″، لكن الاجتماع المشترك الذي حصل الأربعاء بين الدوري الممتاز، دوري كرة القدم الإنكليزية ورابطتي لاعبي كرة القدم المحترفين والمدربين، لم يكن مبشرا إذ لم يتم التوصل الى اتفاق.
وقالت الهيئات الأربع في بيان مشترك “لم يتم اتخاذ أي قرارات اليوم، ومن المقرر أن تستمر المفاوضات في الساعات الـ48 القادمة، مع التركيز على العديد من الأمور الهامة، بما في ذلك رواتب اللاعبين واستئناف موسم 2019-2020” الذي توقف في منتصف آذار ، مع موعد مبدئي للعودة في 30 نيسان/أبريل.
وليفي نفسه في وضع لا يحسد عليه برغم القرار الذي اتخذه قبل يومين بخفض رواتب موظفيه وإدارييه للشهرين المقبلين بنسبة 20%، أملا أن يحذو لاعبوه حذو ادارته بسبب الازمة المالية التي سبّبها تفشي فيروس كورونا المستجد.
قال ليفي في بيان على موقع نادي شمال لندن “بعد اتخاذ خطوات لتخفيض النفقات، اتخذنا قرارا صعبا، لحماية الوظائف، وذلك بتخفيض اجور كل الموظفين والمديرين الـ550 من غير اللاعبين لشهري نيسان وايار بنسبة 20%. نأمل في ان تنتج المحادثات بين البريميرليغ، رابطة اللاعبين المحترفين، ورابطة المدربين عن مشاركة اللاعبين والمدربين من اجل مصلحة كرة القدم”.
– “يجب أن يكونوا أول من يضحي برواتبهم” –
وجاء إعلان ليفي بشأن تخفيض رواتب الموظفين والإداريين في نفس اليوم الذي كُشِفَ فيه عن تقاضيه مبلغ 7 ملايين جنيه استرليني الموسم الماضي، بينها ثلاثة ملايين كمكافآت ناجمة عن إنهاء الأعمال بالملعب الجديد للنادي على الرغم من أن عملية البناء تجاوزت المدة والميزانية المحددتين لها.
بالنسبة لرئيس بلدية لندن صديق خان، يتوجب على لاعبي الدوري الممتاز المساهمة في تجاوز هذه الأزمة، موضحا لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن “لاعبي كرة القدم الذين يتقاضون رواتب عالية هم أشخاص يمكنهم تحمل العبء الأكبر ويجب أن يكونوا أول من يضحي برواتبهم مع كل الاحترام، بدلا من الشخص الذي يبيع برنامجا أو الشخص الذي يقدم الطعام”.
لكن بإمكان اللاعبين أن يعارضوا فكرة تسليط الضوء عليهم بشكل غير عادل، وأن يُطالبوا بدفع الفاتورة بدلا من مالكي الأندية أصحاب المليارات.
واعتبر الخبير المالي في كرة القدم كيران ماغواير في حديث لوكالة فرانس برس أن السياسيين يستغلون كرة القدم، موضحا “لا توجه الانتقادات نفسها الى الصناعة المصرفية… لا توجه ضد المحامين الذين يتقاضون 10 آلاف جنيه في اليوم الواحد، الى المحاسبين، أو الأموال التي تذهب الى حسابات خارجية من أجل تجنب دفع الضرائب”.
ووفقا لقائمة صحيفة “صنداي تايمز” للأغنياء، ارتفعت ثروة مالك توتنهام جو لويس، المقيم في جزر البهاماس التي تعتبر ملجأ التهرب الضريبي، الى 4,4 مليار جنيه استرليني العام الماضي.
وتطرق ماغواير الى ذلك، بالقول “ثروة جو لويس نفسه تبلغ أكثر من 4 مليارات جنيه استرليني، ونحن نوجه سهامنا تجاه (مهاجم الفريق) هاري كين، الشاب الذي ستنتهي مسيرته حين يصل الى عامه الخامس والثلاثين”.
لا يرغب اللاعبون في أن يكونوا ضحية الأزمة الحالية، ثم التفرج لاحقا على الأندية تنفق أموالا طائلة حين تبدأ الإيرادات بالتدفق مجددا مع عودة الحياة الى طبيعتها.
وهذا ما تحدث عنه المدير التنفيذي لرابطة اللاعبين المحترفين غوردن تايلور، بالقول “من المثير للسخرية أن تقوم الأندية بتأجيل التزاماتها للاعبين، ومن ثم تقوم لاحقا بانتداب لاعبين جدد مقابل أموال طائلة”.
لكن الانتقالات بعيدة حاليا كل البعد عن تفكير معظم المديرين التنفيذيين الذين يحاولون وحسب الحرص على استمرارية أنديتهم خلال الأشهر القليلة المقبلة بحسب ما أفاد ليفي نفسه، قائلا “عندما أقرأ أو أسمع قصصا عن انتقالات اللاعبين هذا الصيف كأن شيئا لم يحدث، فيحتاج الناس الى الاستيقاظ لرؤية هول ما يحصل حولنا”.