اتجهت أنظار مشجعي كرة القدم من كافة أنحاء العالم إلى الدوحة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث انطلقت منافسات النسخة السابعة عشر من بطولة كأس العالم للأندية، التي تستضيفها قطر للمرة الثانية على التوالي من 4-11 فبراير الجاري، بمشاركة ستة أندية، على استاد المدينة التعليمية واستاد أحمد بن علي، في فرصة فريدة أتاحت لعشاق كرة القدم التعرف عن قرب على اثنين من استادات مونديال قطر 2022.
وشهد استاد المدينة التعليمية، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 40 ألف مشجّع، مباراتين جمعت الأولى مساء الخميس الماضي بين نادي الدحيل، حامل لقب دوري نجوم قطر وممثل الدولة المستضيفة، والنادي الأهلي المصري، بطل أفريقيا، والذي تمكّن من حصد بطاقة الصعود إلى نصف نهائي البطولة.
واستضاف استاد المدينة التعليمية مساء الأحد الماضي مواجهة قوية بين بالميراس البرازيلي وتيجريس أونال المكسيكي الذي نجح في تسجيل أولى مفاجآت البطولة، بعد فوزه بهدف دون رد، ليحجز مقعده في نهائي البطولة، ويصبح أول ممثل للكونكاكاف يصل إلى المباراة النهائية في تاريخ مونديال الأندية.
وسيشهد الاستاد منافسات اليوم الختامي للبطولة الخميس المقبل، حيث يستضيف مباراة تحديد الفائز بالمركز الثالث بين بالميراس والأهلي المصري عند السادسة مساءً، تليها عند التاسعة مساءً المباراة النهائية وتتويج الفريق الفائز بلقب مونديال الأندية 2020، في مواجهة مرتقبة بين بايرن ميونخ وتيجريس أونال.
وتشكّل استضافة المباريات في استاد المدينة التعليمية فرصة هامة لاطلاع العالم على أحد الاستادات الثمانية المبهرة لمونديال 2022 على طريق الاستعداد لاستضافة الحدث الرياضي الأبرز في العالم بعد أقل من عامين، كما يمثل احتضان الاستاد لعدد من منافسات بطولة كأس العالم للأندية مصدر فخر لكل من أسهم في أعمال تشييد الاستاد، ومن بينهم المهندسة منيرة الجابر، مديرة إدارة مشروع استاد المدينة التعليمية.
انضمت المهندسة منيرة الجابر إلى فريق العمل في المشروع مباشرة بعد حصولها على الشهادة الجامعية من جامعة قطر. وأكدت الجابر اعتزازها بكونها من أوائل الذين كان لهم شرف المشاركة في كافة أعمال البناء بدءاً من مرحلة التصميم حتى التشييد ثم تشغيل الاستاد المونديالي الفريد. وقالت: “ما زلت أتذكر بدايات العمل في مشروع استاد المدينة التعليمية التي انطلقت في عام 2014، ولا أكاد أصدق مدى سرعة مرور الوقت وكيف انتقلنا سريعاً من أعمال الحفر إلى تشييد صرح رياضي مميز أشبه بماسة عملاقة تتألق وسط جامعات ومدارس المدينة التعليمية.”
وأشارت الجابر إلى أن هناك محطات لا تنسى خلال مراحل تشييد الاستاد وستبقى محفورة في ذاكرة الجميع، أبرزها عملية رفع سقف الاستاد، واكتمال الواجهة الأمامية، وفرش الأرضية بالعشب الطبيعي. وتابعت: “عندما أقف في منتصف أرضية الاستاد، وأنظر إلى البنية التحتية المتطورة، والاهتمام بأدق التفاصيل بدءاً من لون المقاعد والحرص على استخدام عشب طبيعي عالي الجودة، تغمرني مشاعر الفخر والامتنان وأنا أرى عملنا الشاق آتى ثماره في شكل تحفة معمارية شامخة تتميز بأحدث اتجاهات التصميم والتقنيات المتطورة في عالم الرياضة.”
كان شهر يونيو الماضي قد شهد الإعلان عن جاهزية استاد المدينة التعليمية، ليصبح ثالث استادات مونديال قطر 2022، ليستضيف الاستاد بعدها منافسات تأجلت بسبب تداعيات جائحة كوفيد -19، وأبرزها دوري أبطال آسيا 2020 بإجمالي 23 مباراة، منها عشر مباريات في منافسات أندية غرب القارة، و 13 مباراة في منافسات منطقة الشرق.
وأوضحت الجابر إلى أن التنظيم المتميز لمباريات دوري أبطال آسيا على أرضية الاستاد أثار إعجاب عشاق كرة القدم في العالم بعد الدور الفاعل الذي قامت به قطر في سبيل العودة الآمنة للنشاط الكروي إلى الملاعب، بعد تعليقه بسبب الجائحة، مشيرة إلى أن استضافة الاستاد للمباريات أسهمت في تعزيز خبرات فرق العمل، واختبار الجاهزية التشغيلية للمنشأة الرياضية الرائعة.
وأكدت المهندسة منيرة الجابر أن استضافة استاد المدينة التعليمية مباريات في دوري أبطال آسيا شكّلت فرصة ثمينة للوقوف على كفاءة الجاهزية التشغيلية للاستاد، بما فيها الجوانب المتعلقة بالأنظمة المستخدمة والمرافق التي يضمها الاستاد، وكيف يمكن مواصلة تحسينها، وقالت: “لقد كانت تجربة قيّمة تعلمنا منها الكثير في سبيل الوصول إلى أفضل مستوى من الإعداد خلال مونديال 2022.”
ورافق استضافة استاد المدينة التعليمية لمباريات كأس العالم للأندية تضاعف الجهود المبذولة لتطبيق الاحتياطات والإجراءات الاحترازية للوقاية من كوفيد- 19، وفي هذا السياق أكدت الجابر أن فرق العمل في الاستاد واصلت العمل ليل نهار لتعزيز التدابير الرامية إلى الحفاظ على سلامة الجميع، وقالت: “عملنا في الفترة الماضية كخلية نحل لتأمين سلامة كل شخص تطأ قدماه مرافق الاستاد خلال البطولة، وحرصنا على أن تشمل عمليات التعقيم كافة أرجاء الاستاد، مع تركيز خاص على قاعة المؤتمرات الصحفية، ومنطقة مقاعد اللاعبين، وأرضية الاستاد، إضافة إلى المنطقة المخصصة للفقاعة الطبية، حيث تخضع هذه المناطق لثلاث جولات من التعقيم في يوم المباراة .”
من جانب آخر؛ تشكّل صيانة أرضية استاد المدينة التعليمية تحدياً كبيراً خلال المنافسات، حيث شهد الاستاد العام الماضي 13 مباراة خلال سبعة أيام فقط، وتعرضت أجزاء من عشب المستطيل الأخضر للتلف بسبب الاستخدام المكثف خلال المنافسات. وفي هذا السياق أضافت الجابر: “راقبنا عن كثب أرضية الملعب التي تآكلت أجزاء منها خاصة أمام المرميين، وتمكن الفريق المختص من استبدال العشب المتضرر على الفور، للمحافظة على الجودة والمعايير العالمية للأرضية، وضمان توفر الشروط اللازمة لسير المنافسات على أكمل وجه.”
وترى الجابر أن بطولة كأس العالم للأندية محطة أخرى في غاية الأهمية على الطريق لاستضافة مونديال قطر 2022، حيث من المقرر أن يشهد استاد المدينة التعليمية ثماني مباريات من دور المجموعات حتى ربع النهائي خلال المونديال، والترحيب بالمشجعين من كافة أنحاء العالم.
وأضافت: “تغمرني مشاعر السعادة عند حضوري مباراة رسمية على أرض الاستاد، كما أن مشاهدة محطات التلفزة العالمية تبث المباريات مباشرة للجماهير في أنحاء العالم تبعث في نفسي مشاعر الفخر والثقة بكفاءتنا واستعدادنا التام لاستضافة بطولة كأس العالم خلال أقل من عامين، وهو ما يشكل حافزاً يدفعني للارتقاء بمستويات أداء فريق العمل لتقديم تجارب استثنائية خلال المباريات التي ستقام في استادات البطولة خلال مونديال 2022.”
يشار إلى أن استاد المدينة التعليمية يقع على مسافة 13 كم من وسط مدينة الدوحة، في قلب مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، المركز النابض بالمعرفة والابتكار. ويتميز الاستاد بموقع استراتيجي يسهل الوصول إليه من كافة مناطق الدوحة، وحظي باستحسان المشجعين الذين حضروا مباريات مونديال الأندية، خاصة عبر استخدام الخط الأخضر في مترو الدوحة، حيث تقع محطة المدينة التعليمية على مسافة قريبة من هذه الأيقونة الرياضية فائقة الحداثة.
وأسهمت جهود اللجنة العليا للمشاريع والإرث الرامية لخفض البصمة الكربونية لمونديال قطر 2022، في حصول الاستاد على شهادة المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة “جي ساس” من فئة الخمس نجوم، ليصبح أول استادات المونديال الذي يحصل على هذا التصنيف المرموق.
ويضم الاستاد مجموعة متكاملة من المرافق المتطورة المصممة لتلبية احتياجات لاعبي ومشجعي كرة القدم، وفي هذا السياق اختتمت الجابر: “جرى تجهيز الاستاد بمرافق فائقة المستوى وفق أعلى المعايير الدولية، ويمكنه استضافة أكثر من مباراة في اليوم الواحد، كما تضم مرافقه أربع غرف لتبديل الملابس، بينما تضم الملاعب الأخرى غرفتين فقط. ويتميز بتقنيات تبريد متطورة، تضمن المحافظة على درجة حرارة معتدلة، لينعم اللاعبون والمشجعون بأجواء مريحة خلال المباريات على مدار العام، خاصة خلال شهور الصيف.”