AFP
يعود الفضل في حصول الدوري الانكليزي الممتاز لكرة القدم على الضوء الأخضر لاستئناف نشاطه إلى الرغبة السياسية التي ترى في اللعبة الشعبية الاولى في البلاد وسيلة لرفع المعنويات في البلد الأكثر تضررا من فيروس كورونا المستجد في أوروبا.
لكن هل خلف هذا الواقع استغلال حكومي وسياسي؟
تجاوز عدد الوفيات المؤكدة والمشتبه بها جراء “كوفيد-19” في بريطانيا اكثر من 50 الف شخص وفق تحليل نشره مكتب الاحصاءات الوطنية (أو إن اس) هذا الاسبوع. ولا تزال القيود المفروضة على الحريات الشخصية قائمة في حين أرجئت خطط إعادة فتح المدارس في انكلترا الى ايلول المقبل.
الا ان الاربعاء المقبل سيشهد على عودة منافسات الدوري الممتاز المعلقة منذ منتصف آذار ، وكشفت الحكومة البريطانية أنها ستسعى لبث 33 من المباريات الـ92 المتبقية في الموسم على قنوات مجانية.
وصرح رئيس الحكومة بوريس جونسون الشهر الفائت أن عودة الرياضة عبر شاشات التلفزيون “ستعطي دفعة للروح المعنوية القومية نحن بحاجة اليها بشدة”.
وفي اليوم الذي تم تحديد موعد 17 حزيران لاستئناف البريمرليغ، قال وزير الرياضة اوليفر دودن إن لكرة القدم “مكانة خاصة في حياتنا الوطنية”.
– استغلال متبادل –
الا ان الدوري الممتاز لم يحظ بهذا الدعم السياسي الكبير طوال فترة الجائحة.
ففي أوائل شهر نيسان الماضي، عندما اصطدمت الاندية بالسقوط المفاجئ للايرادات، كان ليفربول وتوتنهام من بين الاندية التي أعلنت عن وضع موظفيها في البطالة الجزئية وعن نيتهما باستخدام المال العام لدفع رواتب موظفيهم من غير اللاعبين والاستفادة من خطة الدعم التي وضعتها الحكومية البريطانية في ظل ازمة “كوفيد-19”.
وبموجب هذه الخطة، تستفيد الاندية من المال العام لتغطية 80 بالمئة من رواتب الموظفين بحد أقصى هو 2500 جنيه استرليني (نحو ثلاثة آلاف دولار اميركي) في الشهر، وذلك لتتمكن من الابقاء على موظفيها في فترة تشهد تراجع في الايرادات بشكل حاد كانت تحصل عليها من حقوق البث التلفزيوني وتذاكر المباريات.
الا ان بطل اوروبا ووصيفه تراجعا عن هذا القرار بعد الانتقادات الواسعة التي طالتهما، لا سيما وأنهما كانا سيلجآن الى الخطة من دون الخصم من رواتب لاعبيهم.
ووصف رئيس لجنة العموم للثقافة والاعلام والرياضة جوليان نايت تردد اللاعبين بشأن خفض رواتبهم بالأمر “غير المقبول أخلاقيا”.
كما دعا وزير الصحة البريطاني مات هانكوك لاعبي البريمرليغ الى “تخفيض رواتبهم ولعب دورهم” في مواجهة الازمة.
وقال البروفيسور البريطاني سايمون شادويك، مدير الرياضة الأوراسية (الاوروبية الاسيوية) في جامعة إمليون لإدارة الاعمال، لوكالة فرانس برس “عندما بدأت الاحاديث عن البطالة الجزئية والمناقشات حول خفض رواتب اللاعبين، كان شعوري أن ذلك كان انتهازيا من جانب الحكومة وساخرا جدا”.
وأضاف “في غضون أسابيع، انقلبت الحكومة مرة أخرى وفجأة باتت (كرة القدم) مهمة للمعنويات الوطنية، التماسك الاجتماعي والهوية الوطنية، ما من شأنه أن يشتت التركيز عن الجائحة”.
وأردف قائلا “استخدمت الحكومة كرة القدم لتحقيق أهدافها الخاصة، بدلا من (أن تحققها) كرة القدم نفسها أو المشجعين أو الناس.”
– نسبة مشاهدة أعلى –
لم يرحب اللاعبون بهذا الاهتمام المفاجئ من رجال السياسة، لاسيما وأنهم كانوا يقومون بحملات تبرع داعمة لخدمة الصحة الوطنية (إن إتش إس).
واتهم أندروس تاونساند، جناح كريستال بالاس، هانكوك بـ “تحريف” نقص التمويل للخدمة الصحة الوطنية، فيما قال داني روز، مدافع نيوكاسل المعار من توتنهام، أن اللاعبين يعاملون كـ”فئران تجارب” ويتم استغلال صحتهم من أجل رفع المعنويات الوطنية.
مع ذلك، فإن الضغط الذي تمارسه الحكومة من أجل بث عدد من المباريات مجانا قد يكون له فوائد طويلة الامد على الدوري الممتاز.
فللمرة الاولى منذ تأسيس الدوري الانكليزي بنسخته الحديثة أي منذ العام 1992، ستبث هيئة الاذاعة البريطانية “بي بي سي” اربع مباريات مباشرة قبل نهاية الموسم.
كما ستؤمن شبكة “سكاي سبورتس” وموقع أمازون مباريات مجانية لشريحة أوسع من المشاهدين.
وقال المدير التنفيذي للدوري الممتاز ريتشارد ماسترز “من المهم أن يتمكن أكبر عدد ممكن من الناس من مشاهدة مبارياتنا”.
من خلال منح الفرصة لأكبر عدد من الناس لمشاهدته عند استئنافه، يمكن للدوري الممتاز أن يستفيد من عطش الجماهير الشغوفة أصلا والتي تنتظر العودة بفارغ الصبر اضافة الى توسيع دائرته من خلال جذب مشاهدين جدد.