كتب : وفيق حمدان
برودة مباراة التضامن صور مع الأخاء الأهلي عاليه، وندرة اللمحات فيها كادت أن تَجعلني أشعر بالأسى على وقت أضعتُه في زَحمةِ السير الخانقة وأنا أقود سيارتي يوم الجمعة باتجاه ملعب العهد لمشاهدة المباراة.
لكن ما رافق وأعقب تسجيل الهدف المشكلة أحدث نوعاً من الحياة على المدرجات التي تناثر عليها عدد قليل جداً من “المظلومين” الذين خسروا بما “حسبوه” في الحقل مقابل ما صدمهم على “بيدر” المباراة …عرض باهت ومملّ ومُريع، خصوصاً من جانب الفريق الجبلي، الذي لم يبدُ كمتصدرٍ سابقٍ، بل كفريق أقل من عادي.. لماذا؟ لا أعلم، بينما التضامن صور ومدربه لا يسألان عن أداء متوسط أو بسيط قدمه لاعبوه، بل أشكر إدارته والمدرب محمد زهير على فريق معظم عناصِرِهِ من الناشئين المغمورين حديثي العهد، يقارعون من يفوقونهم خبرةً وكلفة.
زبدة الموضوع أن لاعب الاخاء الأهلي الذي سجّل الهدف بتشجيع من “صوتٍ ما” انطلق من جهة مقعد فريقهِ، كما قال مشجعو الفريق ، ثم صفّق صاحب الصوت له ثناءً بعد التسجيل، لا يتحمل المسؤولية بقدر ما يتحمّلها من بيدهِ “الربط والحلّ”. والأهمّ من ذلك، كان ذلك المشجع الجبلي الذي استشاط غضباً صادقاً عند حصول تلك المهزلة التي كانت لتحمل إساءةً كبيرة لفريق منطقة معروفة بالأصالة وبالحفاظ على الأخلاق النبيلة، لولا أن سارعت إدارة النادي إلى إصدار بيان محمودٍ استنكرت فيه الواقعة النكراء التي أساءت إلى روحيّة اللعب النظيف والى التعاليم الرياضية السمحاء التي تسقط أمامها حسابات النقاط والتّوقُ إلى تسجيل فوز كرتوني بعد سلسلة من النتائج المخيبة.
لكن هذا الأمر حصل بعد المباراة التي يسمح القانون للاتحاد فقط بمعاقبة المسؤولين عنه (أي عمّا حدث)، وليس بإعادة المباراة.
هنا تكمن أهمية وصدقية وشفافية ما فعله ذلك المشجّع “الجبلي” الشهم الذي توجّه نحو مقعد فريقه وحثّ الجهاز الفني على توجيه لاعبيه لافتعال ضربة جزاء أمام مرماهم قبل أن ينتهي الوقت ، وكرّر قوله بصوتٍ عالٍ أن الاخاء الأهلي لا يفوز بهذه الطريقة، والنقاط لا تعني شيئاً أمام صورة وسمعة وأخلاق النادي. لكن كلامه وكلام عدد من زملائه في نفس الاتجاه لم ينفع مع من أصرُّوا على الفوز بتلك الطريقة البشعة، لكن لاقى صدى لديّ ولدى عدد من المتفرجين. فلقد تركتُ مكاني وذهبت إليه مهنِّئاً على موقفه النبيل الذي يتناسب وتقاليد الجبل وأهله، حتى أنني لم أسأله عن اسمه، بل أتذكّر أنه كان يرتدي بنطالاً أسود وسترة (جاكيت) جلد سوداء. فحبذا لو أن المعنيين يمنحون هذا الشخص العصامي جائزة “المشجّع المثالي” ، فإن ما فعله يعني أن “الدنيا ما زالت .. بخير”.