أدى النجاح الهائل للسلسلة الوثائقية “ذا لاست دانس” (“الرقصة الأخيرة”) التي تلقي الضوء على مسيرة مايكل جوردان، ويختتم عرضها ليل الأحد بتوقيت الولايات المتحدة، إلى تعزيز مبيعات التذكارات الخاصة بأسطورة كرة السلة الأميركية، وتداول بعضها بعشرات آلاف الدولارات حيث بات حذاؤه الرياضي الأغلى في التاريخ بعد بيعه في مزاد علني.
وكان من المقرر ان تعرض السلسلة المؤلفة من عشر حلقات، في حزيران المقبل. لكن توقف منافسات اللعبة والرياضة عموما في الولايات المتحدة والعالم، وتدابير الاغلاق التي أبقت الملايين في منازلهم لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، دفعت الى تقديم الموعد.
وبدأ العرض في 19 نيسان بمعدل حلقتين الأحد من كل أسبوع عبر شبكة “إي أس بي أن” الأميركية، على ان تتوافرا في اليوم التالي عبر خدمة “نتفليكس” للبث التدفقي حول العالم.
وبات الحذاء الرياضي “إير جوردان 1” الذي انتعله جوردان الأغلى في التاريخ، بعد أن بيع الأحد في مزاد علني في دار سوثبير بقيمة قياسية بلغت 560 ألف دولار.
وحطم الحذاء من طراز “إير جوردان 1” الذي صممته شركة “نايكي” عام 1985 والموقّع من قبل نجم شيكاغو بولز السابق، الرقم القياسي لحذاء “نايكي مون” والبالغ 437500 دولار، والمسجل العام الماضي في مزاد لسوثبيز أيضا ويعود تصميمه الى السبعينات.
ويعتبر حذاء “إير جوردان 1” أول نموذج صممته شركة “نايكي” خصيصا لجوردان وقد انتعله في موسمه الأول في ال “أن بي اي” حين بدأ مسيرته الاحترافية مع شيكاغو بولز عام 1984 وتوج بلقب الدوري في ست مناسبات.
وقال جوردان غيلير جامع المقتنيات وبائع الحذاء الرياضي لجوردان لوكالة فرانس برس قبل المزاد العلني “أعتقد أن حذاء اير جوردان هذا الذي انتعله خلال مباراة، هو الأشهر على مر العصور”.
وتابع غيلير الذي كسب ما لا يقل عن 240 ألف دولار، لقاء بيع الحذاء “التوقيت هو كل شيء (…) هناك اهتمام أكثر من أي وقت مضى بمايكل جوردان وهذا (الحذاء) هو أكثر التذكارات قيمة في السوق حاليا”.
وعلى عكس حذاء “اير جوردان 1″، فإن حذاء “نايكي مون” الذي بيع العام الماضي لم ينتعله أي لاعب.
وكان أغلى حذاء في التاريخ انتعله رياضي يعود للحذاء الجلدي الخاص بالبريطاني روجير بانيستر انتعله عام 1954 حين أصبح أول عداء يركض مسافة ميل بأقل من اربع دقائق. وقد اشتراه عام 2015 شخص لم يكشف عن هويته بقيمة 409 آلاف دولار في في دار كريستي للمزادات العلنية في لندن.
واكتسبت أحذية “إير جوردان” بتصاميمها المختلفة، شعبية واسعة لدى جامعي المقتنيات على مدى العقود الماضية، وكذلك القمصان والتذاكر المصورة الخاصة باللاعب الذي فاز بستة ألقاب في الدوري الأميركي للمحترفين “ان بي ايه” مع بولز (بين 1991 و1998)، ويعتبر على نطاق واسع أعظم من زاول اللعبة على مر التاريخ.
ويعتبر العديد من المتخصصين جوردان مساهما أساسيا في خلق سوق للأحذية الرياضية القابلة للاقتناء (كتذكارات). لكن “ذا لاست دانس” الذي يركز على العام الأخير لجوردان مع شيكاغو، لكن يعرض كامل مسيرته ولقطات تبث للمرة الأولى صوّرت في كواليس بولز موسم 1997-1998، زاد من الإقبال على كل ما يتعلق بالأسطورة.
ويقول كريس آيفي، مدير المقتنيات الرياضية في دار “هيريتادج” للمزادات، إن السلسلة الوثائقية “تغير قواعد اللعبة”.
ويرجح أن يبقى الاهتمام الذي ولّدته قائما حتى بعد نهاية عرضها.
– “لم أر شيئا من هذا القبيل” –
ووصل سعر حذاء “إير جوردان 1” على منصة “ستوك اكس” الخاصة بإعادة بيع الأحذية، 1500 دولار حاليا مقابل 900 دولار في آذار ، أي قبل بدء عرض السلسلة الوثائقية.
ويقول الخبير الاقتصادي لهذه المنصة جيسي اينهورن إن الزيادة “تعزى بشكل كبير إلى السلسلة الوثائقية لأن الحذاء كان متوافرا منذ أعوام”.
ومثالا على ذلك، بيعت تذكرة مصورة لجوردان خاصة بالعام 1986 بمبلغ 96 ألف دولار في أوائل أيار في دار “هيريتادج”، علما أن قيمتها كانت تتراوح بين 20 ألف دولار و30 ألفا في بداية العام.
ويقول جيف ويلسون، وهو مؤسس منصة الكترونية خاصة بالتذاكر الرياضية المصورة، إن “الكثير من الناس الذين اقتنوا مجموعات الملصقات الرياضية في طفولتهم، سارعوا للصعود إلى عليات منازلهم للعثور على تلك الصناديق وتلك المجلدات”.
ويضيف “لم أرَ شيئا من هذا القبيل (حيال لاعب) بعد مرور فترة طويلة على نهاية مسيرته”.
واعتزل جوردان اللعب بعد اللقب السادس مع شيكاغو في 1998، قبل ان يعود لخوض موسمين مع واشنطن ويزاردز، ويعتزل نهائيا عام 2003.
– حذاء بمليون دولار؟ –
وزادت السلسلة الوثائقية أيضا من مبيع التذكارات الخاصة بشيكاغو بولز، لاسيما فريق التسعينات الذي ضم أسماء مثل جوردان وسكوتي بيبن ودينيس رودمان بإشراف المدرب المخضرم فيل جاكسون، ويعد من أفضل الفرق في تاريخ الـ”أن بي ايه”.
وبحسب الموقع الالكتروني المخصص بالبضائع الرياضية “فاناتيكس”، ارتفعت مبيعات الهدايا التذكارية التي تحمل العلامة التجارية لشيكاغو بولز بنسبة 400 بالمئة في أيار ، مقارنة مع العام الماضي.
ويعتبر آيفي انه “بالنسبة للكثير من الناس مثلي الذين تراوح أعمارهم بين 40 و50 عاما، كان مايكل جوردان بيب روث عصرنا”، في إشارة الى لاعب البيسبول الذي يعد من الأكثر شهرة في القرن العشرين.
ويضيف “الناس في هذه الفئة العمرية بدأوا مرحلة من حياتهم يقومون خلالها بجمع (التذكارات) مرة أخرى”.
حتى المشجعين الأصغر سنا الذين عرفوا مع تفتح وعيهم مآثر الراحل كوبي براينت وليبرون جيمس على أرض الملعب، يجذبهم جوردان.
ويقول اينهورن “غالبية زبائننا هم من جيل الألفية الثالثة والكثير منهم لم يكونوا قد ولدوا بعد عندما كان جوردان يلعب”، معتبرا ذلك “دليلا على الحضور المستمر لجوردان كأيقونة”.
ويدعم الجيل الجديد من المشجعين نمو سوق أحذية كرة السلة، في نسق أدركته شركات التجهيزات الرياضية، وقامت بتكييف استراتيجياتها التسويقية تبعا له.
ويشير غيلر الى ان “جمع الأحذية الرياضية وإعادة بيعها كانت أنشطة تقام في الخفاء (…) لكنها باتت أكثر انتشارا الآن”.
ويوضح “العلامات التجارية للأحذية الرياضية تلبي لهواة الجمع طلباتهم من خلال إطلاق المزيد والمزيد من الأحذية الرياضية في نسخ محدودة، ومع توافر كميات قليلة، يزيد الطلب بشكل كبير”.
ولكن وبحسب غيلر، يبقى حذاء “إير جوردان” الأصلي، وخاصة في حال كان اللاعب قد استخدمه، خارج نطاق أي مقارنة، علما أن هذه العلامة التجارية من “نايكي” لا تزال مستمرة ودائما ما تطرح تصاميم جديدة يستخدمها العديد من اللاعبين حاليا.
ويعتبر غيلر ان “إير جوردان 1” يبقى “من الأحذية الرياضية الأكثر شهرة في كل العصور. حقيقة أن هذا الحذاء انتعله مايكل جوردان يرفع قيمته إلى مستوى آخر تماما”، مشيرا الى ان سعره في يوم من الأيام قد يصل الى عتبة “مليون دولار”.